Question
Respected Moulana, What is meant when Imam Bukhari (rahimahullah) says the following regarding a narrator?
“fihi nazrun” فيه نظر or “Fi Hadithi nazrun” في حديثه نظر
Jazakallahu khayran.
Answer
When describing a narrator as such, Imam Bukhari (rahimahullah) means that -according to him- that narrator is extremely weak.
However, several Hadith Masters have stressed that these terms should be viewed in context, as sometimes Imam Bukhari (rahimahullah) could be referring to the Hadith being extremely weak (for other factors) and not that particular narrator himself is very weak.
Furthermore, since the field of validating the narrators of Hadith is open to differences of opinion, one should bear in mind that there would be occasions when other Muhaddithun differ with Imam Bukhari’s view on a narrator.
References for all of the above:
Ar-Raf’u wat Takmil, with footnotes of Shaykh ‘Abdul Fattah, pgs. 388-391 & Dirasatul Kashif of Shaykh ‘Awwamah, pgs. 128-135.
And Allah Ta’ala Knows best,
Answered by: Moulana Muhammad Abasoomar
Checked by: Moulana Haroon Abasoomar
__________
التخريج من المصادر العربية
الرفع والتكميل: (ص: ٣٨٨ – ٣٩١)
في بيان مراد البخاري من قوله في الراوي: فيه نظر، أو سكتوا عنه.
قول البخاري في حق أحد من الرواة: فيه نظر. يدل على أنه متهم عنده، ولا كذلك عند غيره.
قال الذهبي في «ميزانه» في ترجمة (عبد الله بن داود الواسطي): قال البخاري: فيه نظر، ولا يقول هذا إلا فيمن يتهمه غالبا. انتهى.
حاشية الشيخ عبد الفتاح أبو غدة على الرفع والتكميل: (ص: ٣٨٨ـ٣٩١)
قلت: وقد وقع لشيخنا العلامة الكبير التهانوي رحمه الله تعالى في «قواعد في علوم الحديث»، ص ٤٠١ وهم، إذ سوّى بين قول البخاري: فيه نظر، وقوله: في إسناده نظر، فقال: «فقول البخاري: فيه نظر، وفي إسناده نظر، لا يستلزم ضعف الراوي مطلقا». انتهى مع أن الفرق بينهما كبير جدا كما يعلم مما هنا ومما سبق في ص ٣٤٩. على أن شيخنا رحمه الله أورد لفظ البخاري (فيه نظر)، في المرتبة الثانية من أشد ألفاظ الجرح، حينما سردها في ص ٢٥٤ من كتابه نفسه، فسبحان من لا يسهو.
هذا، وقد انتقد أستاذنا العلامة المحدث المحقق النبيل الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي: كلام الحافظ الذهبي المذكور في أول هذا الإيقاظ، وكلام الحافظ العراقي المذكور في آخره: «فلان فيه نظر، يقوله البخاري فيمن تركوا حديثه». فكتب إلي سلمه الله تعالى من الهند يقول:
ولا ينقضي عجبي حين أقرأ كلام العراقي هذا، وكلام الذهبي أن البخاري لا يقول: (فيه نظر)، إلا فيمن يتهمه غالبا. ثم أرى أئمة هذا الشأن لا يعبأون بهذا، فيوثقون من قال فيه البخاري: (فيه نظر)، أو يدخلونه في الصحيح، وإليك أمثلته:
١ـ تمام بن نجيح، قال فيه البخاري: (فيه نظر). ووثقه ابن معين. وقال البزار في موضع: هو صالح الحديث، وروى له البخاري نفسُه أثرا موقوفا معلقا، في رفع عمر بن عبد العزيز يديه حين يركع. أعني فلم يتركه البخاري نفسه، ولم يتركه أبو داود ولا الترمذي.
٢ـ ثعلبة بن یزید الحماني، قال فيه البخاري: (في حديثه نظر، لا يتابع في حديثه). وقال النسائي: ثقة. وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا في مقدار ما يرويه. وقال الحافظ ابن حجر: صدوق شيعي.
٣ـ جعدة المخزومي، قال البخاري: (لا أعرف له إلا هذا الحديث، وفيه نظر). وروى له الترمذي. وقال فيه الحافظ ابن حجر: مقبول. ومعلوم أن الحافظ ابن حجر يقول هذا فيمن ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك به حديثه.
٤ـ جُميع بن عمير التيمي، قال البخاري: (في أحاديثه نظر) وقال أبو حاتم: محله الصدق، صالح الحديث. وقال الساجي: صدوق. وقال العجلي: تابعي ثقة. وقال ابن حجر: صدوق يخطئ، ويتشيع وروى له الأربعة، وحسن الترمذي حديثه في «سننه» في (مناقب أبي بكر الصديق) في الباب الرابع.
٥ـ حبيب بن سالم، قال البخاري: (فيه نظر). وقال ابن عدي: ليس في متون أحاديثه حديث منكر، بل قد اضطرب في أسانيد ما يُروى عنه، وقال الأجري عن أبي داود: ثقة. وذكره ابن حبان في «الثقات»، وروى له مسلم والأربعة. وقال ابن حجر: لا بأس به.
٦ـ حريش بن خريت، قال البخاري: (فيه نظر)، وقال أيضا: (أرجو) قال اليماني المعلمي في تعليقه عليه في «التاريخ الكبير»: كأنه يريد: أرجو أنه لا بأس به. وفي «تهذيب التهذيب»: قال البخاري في «تاريخه»: أرجو أن يكون صالحا. وقال أبو حاتم: لا بأس به.
٧ـ راشد بن داود الصنعاني، قال فيه البخاري: (فيه نظر) لكن وثقه إمام هذا الشأن يحيى بن معين، وقال: ليس به بأس ثقة. وقال دحيم: هو ثقة عندي. وذكره ابن حبان في «الثقات». وروى له النسائي. وقال فيه الحافظ ابن حجر: صدوق له أوهام.
٨ـ سليمان بن داود الخولاني، قال البخاري: (فيه نظر) وقد أثنى عليه أبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان بن سعيد، وجماعة من الحفاظ. قال ابن حجر: لا ريب في أنه صدوق.
٩ـ صعصعة بن ناجية، قال البخاري: (فيه نظر). وهو صحابي، ذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» و«الإصابة».
١٠ـ طالب بن حبيب المدني الأنصاري، قال البخاري: (فيه نظر). وروى له أبو داود. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وذكره ابن حبان في «الثقات». ووثقه الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٥: ١٠٦.
١١ـ عبد الرحمن بن سلمان الرعيني، قال البخاري: (فيه نظر) وقد وثقه ابن يونس. وقال أبو حاتم: ما رأيت من حديثه منكرا، وهو صالح الحديث. وله عند مسلم في مبيت ابن عباس عند ميمونة. وقال النسائي: ليس به بأس، كما في «تهذيب التهذيب» ٦: ١٨٨. وقال ابن حجر: لا بأس به، وأدخله البخاري في «الضعفاء» فقال أبو حاتم: يحول من هناك.
والصواب عندي: أن ما قاله العراقي ليس بمطرد ولا صحيح على إطلاقه، بل كثيرا ما يقوله البخاري ولا يوافقه عليه الجهابذة. وكثيرا ما يقوله ويريد به إسنادا خاصا، كما قال في «التاريخ الكبير» ١٣: ١٨٣، في ترجمة (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد) رائي الأذان: «فيه نظر، لأنه لم يذكر سماع بعضهم من بعض»، وكما في ترجمته في تهذيب التهذيب» ٦: ١٠.
وكثيرا ما يقوله ولا يعني الراوي، بل حديث الراوي، فعليك بالتثبت والتأني». انتهى كلام شيخنا حبيب الرحمن.
وقد أيقظ – حفظه الله وأمتع به – إلى موضوع من العلم هام جدا، كان مأخوذا بالتسليم والمتابعة من العلماء، فجزاه الله تعالى خيرا عن السنة وعلومها.
وهذه الأمثلة التي ذكرها شيخنا ۔ على كثرتها -، هي غيض من فيض مما في كلام البخاري رحمه الله تعالى، في كتبه مثل «التاريخ الكبير» و«الضعفاء الكبير» وغيرهما.
وهذا الموضوع يستحق أن يوليه بعض الباحثين الأفاضل تتبعا خاصا، رجاء أن يتوصل به إلى تقعيد قاعدة مستقرة، تحد مراد البخاري من تعابيره المختلفة، إذ يقول في بعض الرواة: (فيه نظر) وهو الأكثر في استعمالاته وتعابيره، ويقول في بعضهم: (في حديثه نظر)، وهو أقل من الأول، ويقول في بعضهم: (في إسناده نظر)، وفي بعضهم: (في إسناد حديثه نظر)، ويقول غير ذلك من العبارات، ولا بد أن يكون فرق بين تعبير وتعبير عنده، لما عرف عنه من الدقة البالغة في لفظه وعبارته.
دراسات على الكاشف: (١٢٨– ١٣٥)
وأما ألفاظ البخاري الثلاثة: «فيه نظر، في حديثه نظر، في إسناده نظر»: فقد مشيت في التعليق على المغايرة بين مدلولاتها، وحرصت على التنبيه إلى اللفظ المنقول عن البخاري إن كان في نقل المصنف أو البرهان السبط شيء من التصرف.
١ـ فقوله: «فيه نظر»: الضمير يعود على الرجل، فيكون للإمام البخاري رحمه الله وقفة في الرجل، وهي وقفة شديدة لا خفيفة، أي: إنها من الجرح الشديد. وكأنها تعدل «منكر الحديث» عنده. وقد نقل المزي آخر ترجمة عبد الكريم بن أبي المُخارق البصري، عن ابن يربوع الإشبيلي، عن الإمام البخاري اصطلاحا له في «تاريخه» قال: «كل من لم أبين فيه جرحةً فهو على الاحتمال وإذا قلت: فيه نظر، فلا يُحتمل».
وقال المصنف في «الميزان» ٢ (٤٢٩٤) في ترجمة عبد الله بن داود الواسطي التمار: «قال البخاري في «التاريخ الكبير» ـ ٥ (٢٢٦) ـ: فيه نظر…، وقال ابن عدي – ٤: ١٥٥٧ -: وهو ممن لا باس به إن شاء الله. قلت – الذهبي -: بل كل الباس به، ورواياته تشهد بصحة ذلك، وقد قال البخاري: فيه نظر، ولا يقول هذا إلا فيمن يتهمه غالبا».
ونقل عن البخاري قوله في عثمان بن فائد ٣ (٥٥٥٢): «في حديثه نظر»، ثم قال: «قلّ أن يكون عند البخاري رجل فيه نظر إلا وهو متهم». فهذا يدل على تسويته بين الكلمتين. وسبقه إلى التسوية بينهما ابن عدي، فانه ترجم ٢: ٥٨٨ لجميع بن عمير التميمي، ونقل فيه قول البخاري ٢ (٢٣٢٨): «فيه نظر»، ثم فسرها وعلق عليه فقال: هو «كما قال، في أحاديثه نظر». وسكت ابن حجر في «التهذيب» ٢: ١١٢على كلام ابن عدي، فكأنه يرتضيه.
وقال المصنف في «الموقظة» ص ٨٣: «وكذا عادته – أي البخاري – إذا قال: (فيه نظر)، بمعنى أنه متهم، أو ليس بثقة، فهو عند أسوأ حالا من الضعيف».
وقال الحافظ في «التلخيص الحبير» ١: ٧٤ في حديث أبي ثفال المري في التسمية على الوضوء: «قال البخاري: في حديثه نظر، وهذه عادته فيمن يضعفه».
قلت: لكن لفظ المصنف في «سير أعلام النبلاء» ١٢: ٤٣٩ نقلا عن الامام البخاري: «أنه قال: إذا قلت: فلان في حديثه نظر: فهو متهم واه». فهو صريح في بيان المراد بهذا القول من البخاري نفسه، وليس عادة له عرفت بالاستقراء.
فكلام المصنف في الموضع الثاني، وابن عدي، وابن حجر في «التلخيص»: متناسب متلائم مع صريح بيان البخاري لمصطلحه في قوله: «في حديثه نظر».
ويبقى النظر أيضا في إطلاق البخاري قوله واصطلاحه الذي نقل عنه، وفي تقييد المصنف ذلك في الموضعين من «الميزان» بـ: «غالبا، وقل..».
فالبخاري عبر عن اصطلاحه فأطلق، أما الذهبي في «الميزان» فكأنه لاحظ حال الرجل عند غير البخاري، فرأى الغالب الاتفاق بين البخاري وغيره في حكمهم على الرجل، وأحيانا يكون خلاف ذلك، فعبر بقوله: «غالبا، وقل أن يكون… «.
لكن مما فيه نظر: قول الحافظ في «بذل الماعون» ص ۱۱۷ في تفسير كلمة البخاري «فيه نظر»: «هذه عبارته فيمن يكون وسطاً»!!
ولا بد من التنبيه إلى ضرورة ثلاثة أمور:
أولها: التحقق من النقل لمثل هذه الالفاظ عن البخاري، ماذا قال؟ وما لفظه؟ ففي «الكامل» ٧: ٢٦٤٣ ترجمة ياسين بن شيبان العجلي: «قال البخاري فيه نظر»، في حين أن العقيلي نقله ٤ (۲۱۰۰) بلفظ: «في حديثه نظر»، وانظر التعليق الآتي على ترجمته (٦١٢١) ، وعلى (۳۰۰۲).
ثانيها: التحقق والتأمل في سياق كلامه. فالذي يبدو لي – والله أعلم – أنه يراعي سياق كلامه إلى حد أنه يطلق كلمة لولا سياق كلامه لقال غيرها، ومن أمثلة ذلك ما تراه في التعليق على (۳۰۰۲) أيضاً. ومنها: قول البخاري في صالح بن يحيى بن المقدام ٤ (٢٨٦٩): «فيه نظر»، ونقله المصنف هنا في ترجمة صالح (٢٣٦٧)، ومقتضاه أنه شديد الضعف، لكن لفت نظري أن ابن حبان أدخله في «ثقاته» ٦: ٤٥٩ وقال فيه: «يخطئ»، فتوقعت أن يكون في كلام البخاري قرينة صارفة عن التضعيف الشديد، فراجعت كلامه فرأيته يقول: «فيه نظر، حدثنا إسحاق، حدثنا بقية حدثني ثور، عن صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه، عن جده عن – الوليد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل أكل البغال والخيل».
وراجعت العقيلي الذي يعتمد في «ضعفائه» كل الاعتماد على الضعفاء الكبير للبخاري فرأيته ۲: ۲۰٦ نقل ما تقدم، ولفظ المرفوع عنده: «لا يحل أكل لحم الخيل والبغال والحمير»، وزاد من عنده: «وقد روي عن جابر قال: أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم البغال والحمير. وروي عن أسماء بنت أبي بكر قالت ذبحنا فرساً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه إسنادهما أصلح من هذا الإسناد»، فاستبان بهذا أن سبب النظر هو خطأ هذا الراوي في ذكر لحم الخيل مع المنهيات، ولهذا قال الذهبي في «المجرد» (٩١٦)، وابن حجر في «التقريب» (٢٨٩٤): «لين»، وتبين بهذا أيضاً دقة ابن حبان في أحكامه، كما تبين سبب إعراض ابن عدي عن ذكر الرجل في كتابه «الكامل» مع أنه شديد الاتباع للبخاري حريص على نقل كلامه.
وحديث جابر وأسماء اللذين ذكرهما العقيلي رواهما البخاري (٥٥١٩، ٥٥٢٠)، ومسلم ١٥٤١:٣ (٣٨-٣٦).
ومنها: قول البخاري في صعصعة بن ناجية جد الفرزدق ٤ (٢٩٧٨): «قال لي العلاء بن الفضل: حدثني عباد بن كسيب، حدثني طفيل بن عمرو، عن ناجية المجاشعي: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فعرض على الإسلام فأسلمتُ… فيه نظر». فصعصعة صحابي، وترجمه المؤلفون في الصحابة، لكن حديثه هذا فيه نظر، لا أنه هو فيه نظر، فإنه صحابي، وأكد هذا التأويل: أنه قال في ترجمة عباد بن كسيب ٦ (١٦٢٤)، وقد ذكر السند فقط-: «لم يصح»، وقال في ترجمة طفيل ٤ (٣١٦٠): «لم يصح حديثه». فأفادنا أن النظر هناك: في الحديث لا في الرجل، وأفادنا أن النظر يعني عدم الصحة. وهذا الجمع بين النصوص الثلاثة نَبَّهنا إلى ضرورة مراعاة الأمر الثالث.
ثالثها: ضرورة جمع لفاظه المتعلقة بالرجل الواحد أو بالحديث الواحد، والتنبه لذلك أثناء الاستقراء، كي لا يُظَنَّ أنها مختلفة المراد، متعددة، وهي في رجل واحد متفقة متحدة.
وقد يريد البخاري النظر في الإسناد، لاضطرابه، أو لانقطاعه.
ففي «التاريخ الكبير» ٥ (۳۸۹) قال: «عبد الله عبد الرحمن قال يحيى ابن قزعة وإبراهيم بن مهدي عن إبراهيم بن سعد. ح عبيدة، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله مُغَفّل ….. » فذكر طرقا وختمها بقوله: «فيه نظر».
وقال ٥ (٥٧٥): «عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي، عن أبيه، عن جده …. وختم الترجمة بقوله: «فيه نظر، لأنه لم يذكر سماع بعضهم من بعض». فهذا كقوله:
۲ – «في إسناده نظر». وقد قال البخاري ذلك في ست عشرة ترجمة في «تاريخه الكبير»، وليس في «التاريخ الصغير» = (الأوسط) شيء من هذا، منهم: أوس بن عبد الله الربعي أبو الجوزاء، أحد الثقات، المترجم في «التاريخ الكبير» ٢ (١٥٤٠).
والأمر يحتاج إلى دراسة هذه المواضع دراسة متأنية، ويبدو – والله اعلم – أن مراد البخاري رحمه الله أعم من أن يكون فيما يُسنده هو نظر، أو فيما يسند إليه نظر، وقد يذكر البخاري خبراً في ترجمة الرجل ويقول: في إسناده نظر، أي: في إسناد هذا الخبر نظر، فَيُفْهَم عنه خطأ: أن الرجل المترجم فيه نظر، وليس كذلك.
أما الاحتمال الأول: فهو الأصل في معنى كلمة البخاري: فيما يُسنده هو نظر.
وأما الاحتمال الثاني – فيما يُسند إليه نظر -: فمثاله: قوله رحمه الله في ترجمة أويس القرني رضي الله عنه ٢ (١٦٦٦): في إسناده نظر، ومراده: فيما يُسند إليه ويُروى عنه ويحكى، وقد قال ابن عدي آخر ترجمة أويس ١: ٤٠٤: «ليس لأويس من الرواية شيء… قد شك قوم فيه، إلا أنه من شهرته في نفسه وشهرة أخباره لا يجوز أن يُشك فيه، وليس له من الأحاديث إلا القليل، فلا تهيأ أن يُحكم عليه بالضعف، بل هو صدوق ثقة، مقدار ما يروى عنه، ومالك ينكره ويقول: لم يكن». فالمعنى إذاً: فيما يُروى عنه ويسند إليه نظر، والجملة الأخيرة عن الإمام مالك أثبتها من طبعة دار الكتب العلمية لـ «الكامل»، ومن «تاريخ ابن عساكر» ٩: ٤١٣ نقلاً عن ابن عدي، ومن «الميزان» ۱ (١٠٤۸) ، و«السير» ٤ : ۳۲ – ۳۳ ، و«تاريخ الإسلام» ٢ : ٣١٦، وليست في طبعة دار الفكر التي أعزو إليها دائماً.
وأما الاحتمال الثالث – في إسناد هذا الخبر نظر-: فمثاله: ترجم البخاري لأبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي ۲ (١٥٤٠) وقال: «قال لنا مسدد: عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة، ليس من القرآن آية إلا سألتهم عنها، قال محمد – هو البخاري – في إسناده نظر»، قال الحافظ في «التهذيب» ۱: ٣٨٤: «إنما قاله البخاري عقب حديث رواه له في «التاريخ» – يريد ما تقدم – من رواية عمرو بن مالك النكري، والنكري ضعيف عنده». أي: عند البخاري.
ففهم ابن عدي عن البخاري غير ذلك فقال في الكامل» ١: ٤٠٢ عقب كلام البخاري: «يقول البخاري في إسناده نظر»: أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما، لا لأنه ضعيف عنده وأحاديثه مستقيمة»، أي: لا لأن أوساً ضعيف عند البخاري، وأكد ابن عدي ذلك بقوله «أحاديثه مستقيمة»، وفرق كبير بين النتيجتين، فلا بد من الدراسة الشاملة المتأنية.
وعلى كل: فهذه الكلمة من البخاري ليس فيها جرح لذات الرجل، لما تقدم، ويؤكده: أنه قال في أبي خداش زياد بن الربيع اليحمدي (١٦٨٥): «في إسناده نظر»، ومع ذلك فقد احتج به في «صحيحه». انظر «الكامل» ٣: ١٠٥٢، و «الميزان» ۲ (۲۹۳۷).
وقد يقول البخاري «في إسناده نظر» ويريد الحديث لا الرجل، والقرينة هي الحاكمة.
فقد قال في «صحيحه» تحت الباب الثاني من كتاب الصلاة ١: ٤٦٥: «ويذكر عن سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يزره ولو بشوكة. في إسناده نظر»، ووجهه الحافظ في «الفتح» بما أشار إليه البخاري في «التاريخ الكبير» ١ (٩٥٠) من الاختلاف في أسانيده، ثم قال: «فاحتمل أن يكون رواية أبي أويس من المزيد في متصل الأسانيد، أو يكون التصريح بالتحديث في رواية عطاف وهماً، فهذا وجه النظر في إسناده»، ولم يُعلَّه بانقطاع ونحوه. وكأن البخاري يريد الاحتمال الأول، لقوله عقب رواية عطاف: «هذا لا يصح، وفي حديث القميص نظر»، ثم روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد، فيكون قد أعل الإسناد والتمن معاً من حديث سلمة، والله أعلم.
ويلتحق بهذه الكلمات للإمام البخاري كلمات أخرى له. منها قوله: لم يصح حديثه، ولا يتابع على حديثه.
ومما يذكر مثالاً على ذلك: ما حصل للحافظ ابن حجر في «تعجيل المنفعة» قوله في ترجمة سعيد بن سويد الكلبي الشامي (٣٧٦): «ذكره ابن حبان في «الثقات» – ٦: ٣٦١ – ، وقال البخاري: «لم يصح حديثه، يعني الذي رواه معاوية – بن صالح – عنه مرفوعا: «إني عبد الله وخاتم النبيين وآدم منجَدِل في طينته»، وخالفه ابن حبان والحاكم فصححاه» فروياه في ١٤: ٣١٣ (٦٤٠٤) من «الإحسان»، و ٢ : ٦٠٠ من «المستدرك».
فلفظ البخاري عند الحافظ – كما ترى: لم يصح حديثه، لكن لفظه عند ابن عدي :٣: ١٢٤٣: «لا يتابع على حديثه» – ومفاد كلام الذهبي في «الميزان» ۲ (۳۲۰۹)، وابن حجر في «اللسان» (٣٤٣٤) أن سعيدا الذي في «الكامل»، وفي «التعجيل» هو هو -، وفرق كبير بين نفي الصحة، وبين نفي المتابعة، لا سيما أن نفي الصحة في كتب الرجال تعني الحكم على الحديث بالوضع والبطلان، كما قرره بشواهده الكثيرة شيخنا في مقدمة «المصنوع».
ثم، إن ابن حجر فسَّر الحديث الذي عناه البخاري ونفى عنه الصحة بأنه حديث: «إني عبد الله وخاتم النبيين»، وهذا مستبعد جداً أو لا يصح، ذلك أن البخاري رواه في أوائل تاريخه «الصغير» (۳۳) في السيرة النبوية معرفاً فيه بشيء من أحوال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم عليه بشيء، بل سياقه فيه سياق المعتمد له، فكيف يكون في حكم الحديث الموضوع عنده؟! والله أعلم.
وأقول أخيراً: إنه لا يعكر على كلامي هذا تحقيق المعلمي في تعليقه على ترجمة سعيد بن سويد في «التاريخ الكبير» ٣ (١٥٩٣، ١٥٩٤).
والأمر ـ كما قال شيخنا في تعليقاته على «الرفع والتكميل» ص ۳۹۱، وعلى «قواعد في علوم الحديث» ص ٢٥٧ ـ: «يستحق أن يُوليه بعض الباحثين الأفاضل تتبعا خاصا، رجاء أن يتوصل به إلى تقعيد قاعدة مستقرة تحدد مراد البخاري من تعابيره المختلفة».