Question

I am looking for an incident of an scholar who married a woman after her husband passed on. She had a good selection of books.

 

Answer

Imams Abu Nu’aym and Bayhaqi (rahimahumallah) have recorded this incident.

Ahmad ibn Salamah An Naysaburi (rahimahullah) relates: “Ishaq ibn Rahuyah married a woman in Marw. Her husband had books of Imam Shafi’i and he had passed away. He only married her for [access to] her books…”

(Hilyatul Awliya, vol. 9, pg. 102-103, Manaqibush Shafi’i, vol. 1, pg. 266. Also see: Siyaru A’alamin Nubala, vol. 10, pg. 70)

See a brief biography of this great scholar here.

 

And Allah Ta’ala Knows best.

Answered by: Moulana Suhail Motala

Approved by: Moulana Muhammad Abasoomar

__________

التخريج من المصادر العربية

حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: (٩/ ١٠٢ ـ ١٠٣)
حدثنا عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم، ثنا أحمد بن مسلمة النيسابوري، قال: تزوج إسحاق بن راهويه بمرو بامرأة رجل كان عنده كتب الشافعي، فتوفي، لم يتزوج بها إلا لحال كتب الشافعي، فوضع (جامعه الكبير) على كتاب الشافعي، ووضع (جامعه الصغير) على (جامع الثوري) الصغير. وقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور، وكان عنده كتب الشافعي عن البويطي، فقال له إسحاق بن راهويه: لي إليك حاجة أن لا تحدث بكتب الشافعي ما دمت بنيسابور، فأجابه إلى ذلك فما حدث بها حتى خرج.

مناقب الشافعي للبيهقي: (١/ ٢٦٦)
وأخبرنا أبو عبد الرحمن: محمد بن الحسين السلمي، قال: حدثنا علي بن محمد بن عمر، الفقيه، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن سلمة بن عبد الله النيسابوري، قال:
تزوج إسحاق بن راهويه، بمرو، بامرأة كان عند زوجها كتب الشافعي، فتوفى، ولم يتزوج بها إلا لحال كتب الشافعي، فوضع (جامعه الكبير) على كتاب الشافعي، ووضع (جامعه الصغير) على (جامع الثوري) الصغير.

سير أعلام النبلاء: (١٠/ ٧٠)
قال أحمد بن سلمة النيسابوري: تزوج إسحاق بن راهويه بامرأة رجل – كان عنده كتب الشافعي – مات، لم يتزوج بها إلا للكتب.
قال: فوضع (جامع الكبير) على كتاب الشافعي، ووضع (جامع الصغير) على (جامع سفيان) فقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور، وكان عنده كتب الشافعي عن البويطي، فقال له إسحاق: لا تحدث بكتب الشافعي ما دمت هنا، فأجابه.

سير أعلام النبلاء: (١١/ ٣٧٣)
وعن إسحاق بن راهويه، قال: ما سمعت شيئا إلا وحفظته، ولا حفظت شيئا قط فنسيته. أبو يزيد محمد بن يحيى: سمعت إسحاق يقول: أحفظ سبعين ألف حديث عن ظهر قلبي. وقال أحمد بن سلمة: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: ذكرت لأبي زرعة حفظ إسحاق بن راهويه، فقال أبو زرعة: ما رئي أحفظ من إسحاق. ثم قال أبو حاتم: والعجب من إتقانه، وسلامته من الغلط مع ما رزق من الحفظ. فقلت لأبي حاتم: إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه. قال: وهذا أعجب، فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها.

تهذيب الكمال: (٢٣٧٣٣٨٨)
خ م د ت س: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن مطر الحنظلي، أبو يعقوب المروزي المعروف بابن راهويه، نزيل نيسابور.
أحد أئمة المسلمين، وعلماء الدين، اجتمع له الحديث، والفقه، والحفظ، والصدق، والورع، والزهد، ورحل إلى العراق، والحجاز، واليمن، والشام، وعاد إلى خراسان، فاستوطن نيسابور إلى أن مات بها، وانتشر علمه عند أهلها.
روى عن: إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني، وأزهر بن سعد السمان البصري (م س)، وأزهر بن القاسم الراسبي (س)، وأسباط بن محمد القرشي الكوفي (م)، وإسماعيل ابن علية (م س)، وبشر بن عمر الزهراني (م س)، وبشر بن المفضل، وبقية ابن الوليد الشامي (بخ سي)، وجرير بن عبد الحميد الرازي (خ م ت س)، وجعفر بن عون الكوفي (خ)، وحاتم بن إسماعيل المدني (م)، وحاتم بن وردان البصري (س)، وحسين بن علي الجعفي (م س)، وحفص بن غياث النخعي (خ م)، وأبي أسامة حماد بن أسامة (خ م س)، وحماد بن مسعدة (م س)، وحنظلة ابن عمرو بن حنظلة ابن قيس الزرقي (بخ)، وخالد بن الحارث الهجيمي (خ م)، وروح بن عبادة (خ م)، وزكريا بن عدي (م س)، وسعيد ابن عامر (م)، وسفيان بن عيينة (خ م س)، وسليمان بن حرب (م س)، وأبي خالد سليمان بن حيان الاحمر (م س)، وسليمان بن نافع العبدي ولأبيه رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم، وسويد بن عبد العزيز الدمشقي، وشبابة بن سوار المدائني (م)، وأبي بدر شجاع بن الوليد السكوني (م س)، وأبي حيوة شريح بن يزيد الحمصي، وشعيب بن إسحاق الدمشقي (خ م)، وصالح ابن قدامة الجمحي المدني (س)، وصفوان بن عيسى الزهري (م)، وأبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل (م)، وعائذ بن حبيب (س)، وعبد الله بن إدريس الأودي (م س)، وعبد الله بن الحارث المخزومي (م)، وعبد الله بن رجاء المكي (س)، وعبد الله بن المبارك، وأبي علقمة عبد الله بن محمد الفروي (م س)، وعبد الله بن وهب، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ (م)، وعبد الاعلى بن عبد الاعلى (م س)، وعبد الرحمن بن مهدي (خ م) ، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني (خ م س)، وعبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد (خ م)، وأبي عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد العمي (خ م س)، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي (م س)، وأبي بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي (م)، وعبد الملك بن الصباح المسمعي (م)، وأبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي (خ م س)، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي (م)، وعبدة بن سليمان الكلابي (خ م س)، وعبيد بن سعيد الأموي (م س)، وعتاب بن بشير الجزري (د)، وعثمان بن عمر بن فارس (م)، وعطاء بن مسلم الحلبي الخفاف، وعفان بن مسلم (س)، وعلي ابن الحسين بن واقد (بخ س)، وأبي داود عمر بن سعد الحفري (م س)، وعمر بن عبد الواحد الدمشقي (س)، وعمر ابن عبيد الطنافسي (س)، وعمر بن هارون البلخي، وعمرو بن محمد العنقزي (م س)، وعيسى بن يونس (خ م د س)، وأبي نعيم الفضل بن دكين (م س)، والفضل بن موسى السيناني (خ م)، وفضيل بن عياض، وكثير بن هشام (س)، وكلثوم بن محمد بن أبي سدرة الحلبي، ومبشر بن إسماعيل الحلبي، ومحمد بن بشر العبيدي (خ م)، ومحمد بن بكر البرساني (م س)، ومحمد بن جعفر غندر (خ)، ومحمد بن حرب الخولاني الحمصي (س)، ومحمد بن حمير السليحي الحمصي، وأبي معاوية محمد بن خازم الضرير (م س)، ومحمد بن سلمة الحراني، ومحمد بن سواء (س)، ومحمد بن شعيب بن شابور، ومحمد بن عبيد الطنافسي (س)، ومحمد بن أبي عدي، ومحمد بن فضيل بن غزوان (خ م)، ومحمد ابن يزيد الواسطي (س)، ومخلد بن يزيد الحراني، ومرحوم بن عبد العزيز العطار، ومروان بن معاوية الفزاري، (م س) ي ومسهر بن عبد الملك بن سلع الهمداني (عس)، ومصعب بن المقدام (م س)، ومعاذ بن هشام الدستوائي (خ م د س)، ومعاوية بن هشام القصار (س)، ومعتمر بن سليمان (خ م س)، وأبي هشام المغيرة بن سلمة المخزومي (خت م س)، وأبي قرة موسى بن طارق الزبيدي (س)، وموسى بن عيسى القاري (م)، ومؤمل بن إسماعيل، والنضر بن شميل المازني (خ م س)، والنضر بن محمد المروزي (س)، وأبي النضر هاشم بن القاسم (م سي)، وأبي الوليد هشام ابن عبد الملك الطيالسي (م س)، وهشام بن يوسف الصنعاني، ووكيع بن الجراح (خ م د س)، والوليد بن مسلم (خ م)، ووهب ابن جرير بن حازم (خ م س)، ويحيى بن آدم (خ م د س)، ويحيى بن أبي الحجاج الأهتمي (س)، ويحيى بن حماد الشيباني (م عس)، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سليم الطائفي (س)، ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنية (خ م)، وأبي تميلة يحيى بن واضح، ويزيد بن أبي حكيم العدني (س)، ويزيد بن هارون (م س)، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد (خ)، ويعلى بن عبيد الطنافسي (م س)، وأبي بكر بن عياش.
روى عنه: الجماعة سوى ابن ماجه، وأبو إسحاق إبراهيم ابن إسماعيل العنبري، وإبراهيم بن أبي طالب، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن سلمة النيسابوري، وأحمد بن سهل بن بحر النيسابوري، وأحمد بن سهل بن مالك الإسفراييني، وأحمد بن محمد بن حنبل وهو من أقرانه، وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن نصر النيسابوري البشتي، وإسحاق بن أبي عمران الإسفراييني، وإسحاق بن منصور الكوسج (ت)، وبقية بن الوليد وهو من شيوخه، وجعفر بن محمد بن الحسن الفريابي القاضي، وجعفر ابن محمد بن على الحميري النسفي، والحسن بن سفيان، وزكريا بن يحيى السجزي (س)، وعبد الله بن محمد بن شيرويه النيسابوري روى عنه مسنده، وابنه محمد بن إسحاق بن راهويه، وأبو العباس محمد بن إسحاق الثقفي السراج وهو آخر من حدث عنه، وأبو بكر محمد بن إسماعيل بن مهران الإسماعيلي، ومحمد بن أفلح (ت)، ومحمد بن الحسين البرذعي، ومحمد بن رافع النيسابوري، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بن يحيى الذهلي (د)، وموسى بن هارون الحمال، ويحيى بن آدم وهو من شيوخه، ويحيى بن معين وهو من أقرانه، ويعقوب بن يوسف بن معقل الوراق والد أبي العباس الأصم، ويعقوب بن يوسف الشيباني والد أبي عبد الله محمد بن يعقوب الأخرم الحافظ.
قال الحافظ أبو بكر الخطيب فيما أخبرنا أبو العز الشيباني، عن أبي اليمن الكندي، عن أبي منصور القزاز، عنه، حدثني: أبو الخطاب العلاء بن أبي المغيرة بن أحمد بن حزم الأندلسي، عن ابن عمه أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد ابن حزم، قال: إسحاق بن راهويه هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد ابن إبراهيم بن عبد الله بن مطر بن عبيد الله بن غالب ابن الوارث ابن عبيد الله بن عطية بن مرة بن كعب بن همام بن أسد بن مرة بن عمرو بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم.
وبه: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، قال: أخبرني علي بن محمد المروزي، قال: حدثنا محمد بن موسى الباشاني، قال: ولد إسحاق بن راهويه سنة إحدى وستين ومئة، وكان سمع من عبد الله بن المبارك وهو حدث، فترك الرواية عنه لحداثته، وخرج إلى العراق سنة أربع وثمانين ومئة، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة.
قال الحافظ أبو بكر: وقد قيل في مولده غير هذا. أخبرنا أحمد بن أبي جعفر، قال: حدثنا محمد بن المظفر، قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: قال لي موسى بن هارون: قلت لإسحاق بن راهويه: من أكبر أنت أو أحمد؟ قال: هو أكبر مني في السن وغيره، وكان مولد إسحاق في سنة ست وستين ومئة فيما يرى موسى.
وبه: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن جعفر المعروف بابن اللبان، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن راهويه، قال: ولد أبي من بطن أمه منقوب الاذنين، قال: فمضى جدي راهويه إلى الفضل بن موسى فسأله عن ذلك، فقال: يكون ابنك رأسك إما في الخير وإما في الشر.
وبه: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري، قال: حدثنا محمد بن محمد بن زكريا المطوعي، قال: سمعت أبا حامد أحمد بن محمد بن بالويه يقول: سمعت أبا الفضل أحمد بن سلمة يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: قال لي عبد الله بن طاهر: لم قيل لك ابن راهويه؟ وما معنى هذا؟ وهل تكره أن يقال لك هذا؟ قال: إعلم أيها الأمير أن أبي ولد في طريق، فقالت المراوزة: راهويه، بأنه ولد في الطريق، وكان أبي يكره هذا، وأما أنا فلست أكرهه.
وبه: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق السراج، قال: حدثنا محمد بن رافع بن أبي زيد القشيري، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا أبو يعقوب الخراساني، عن عبد الرزاق الوراق، عن النعمان بن شيبة، عن ابن طاووس، عن أبيه، قال: ليس في الأوقاص صدقة، قال السراج: فسألت أبا يعقوب إسحاق بن راهويه، فحدثني به، وقال لي إسحاق: كتب عني يحيى بن آدم ألفي حديث.
وبه: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: أخبرنا محمد بن نعيم، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى إملاء، قال: حدثنا علي بن الحسن بن عبدة، قال: سمعت حاشد بن مالك يقول: سمعت وهب بن جرير يقول: جزى الله إسحاق بن راهويه، وصدقة، ويعمر عن الإسلام خيرا، أحيوا السنة بأرض المشرق.
وبه: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن نصير، قال: أبو عبد الله محمد بن جابر، قال: سمعت أبا بكر محمد بن يزيد المستملى يقول: سمعت نعيم بن حماد يقول: إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد بن حنبل، فاتهمه في دينه، وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه، فاتهمه في دينه، وإذا رأيت البصري يتكلم في وهب ابن جرير، فاتهمه في دينه.
وبه: أخبرنا أبو سعد الماليني قراءة، قال: أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، قال: سمعت أحمد بن حفص السعدي يقول: ذكر أحمد بن حنبل وأنا حاضر إسحاق بن راهويه، فكره أحمد أن يقال: راهويه، وقال: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وقال: لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا.
وبه: أخبرنا ابن يعقوب، قال: أخبرنا ابن نعيم، قال: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد السلام بن بشار الوراق يقول: سمعت محمد ابن داود الضبي يقول: سمعت محمد بن أسلم الطوسي يقول حين مات إسحاق الحنظلي: ما أعلم أحد كان أخشى لله من إسحاق، يقول الله تعالى: }إنما يخشى من عباده العلماء{ وكان أعلم الناس، ولو كان سفيان الثوري في الحياة، لاحتاج إلى إسحاق. قال محمد بن عبد السلام: فأخبرت بذلك أحمد بن سعيد الرباطي، فقال: والله لو كان الثوري، وابن عيينة والحمادان في الحياة لاحتاجوا إلى إسحاق في أشياء كثيرة.
وبه: حدثني علي بن أحمد الهاشمي، قال: هذا كتاب جدي، فقرأت فيه: حدثني محمد بن داود النيسابوري، قال: سمعت أبا بكر بن نعيم يقول: سمعت الدارمي يقول: ساد إسحاق بن إبراهيم أهل المشرق والمغرب بصدقه.
قال أبو بكر بن نعيم: وسمعت أبا عبد الرحيم الجوزجاني يقول: سمعت أحمد بن حنبل – وذكر إسحاق – فقال: لا أعلم ولا أعرف لإسحاق بالعراق نظيرا.
قال أبو بكر بن نعيم: وسمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: وافقت إسحاق بن إبراهيم صاحبنا سنة تسع وتسعين ببغداد، اجتمعوا في الرصافة أعلام أصحاب الحديث، فيهم أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما، وكان صدر المجلس لإسحاق، وهو الخطيب.
وبه: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، قال: حدثنا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت أبا عبد الله – وسئل عن إسحاق بن راهويه – فقال: مثل إسحاق يسأل عنه؟ إسحاق عندنا إمام من أئمة المسلمين.
وبه: أخبرنا محمد بن على الصوري، قال: حدثنا عبيد الله بن القاسم القاضي الهمذاني بطرابلس، قال: حدثنا أبو عيسى عبد الرحمن بن إسماعيل الخشاب العروضي، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي، قال: إسحاق بن راهويه أحد الأئمة.
وبه: حدثني الصوري، قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله القاضى، قال: حدثنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي، قال: أخبرني أبي، قال: أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم ثقة مأمون، سمعت سعيد بن ذؤيب يقول: ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحاق.
وبه: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن نعيم، قال: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: والله لو أن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي كان في التابعين، لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه.
وبه: أخبرني أحمد بن محمد بن عبد الواحد المنكدري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ بنيسابور، قال: حدثنا الحسن بن حاتم المروزي، قال: حدثنا أبو عمرو نصر بن زكريا، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: سألني أحمد ابن حنبل عن حديث الفضل بن موسى، حديث ابن عباس: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يلحظ في صلاته ولا يلوي عنقه خلف ظهره» قال: فحدثته ، فقال رجل: يا أبا يعقوب، رواه وكيع بخلاف هذا، فقال له أحمد بن حنبل: اسكت إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتمسك به.
وبه: أخبرنا أبو سعد الماليني، قال: أخبرنا عبد الله بن عدي، قال: حدثنا محمد بن يوسف الفربري، قال: حدثنا علي ابن خشرم، قال: حدثنا ابن فضيل، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده علي. قال علي: فحدثت بهذا الحديث إسحاق بن راهويه، فقال: تعحب من هذا؟ قلت: نعم، قال: ما كنت لأسمع شيئا إلا حفظته، وكأني أنظر إلى سبعين ألف حديث، أو قال: أكثر من سبعين ألف حديث في كتبي.
وبه: أخبرنا أبو سعد الماليني، قال: أخبرنا عبد الله بن عدي، قال: سمعت يحيى بن زكريا بن حيويه يقول: سمعت أبا داود الخفاف يقول: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: لكأني أنظر إلى مئة ألف حديث في كتبي، وثلاثين ألفا أسردها. وقال: أملى علينا إسحاق بن راهويه أحد عشر ألف حديث من حفظه، ثم قرأها علينا، فما زاد حرفا ولا نقص حرفا.
وبه: أخبرنا محمد بن علي بن مخلد الوراق، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمران، قال: حدثنا أحمد بن كامل، قال: قال عبد الله بن طاهر لإسحاق بن راهويه: قيل لي: إنك تحفظ مئة ألف حديث؟ قال: مئة ألف حديث ما أدري ما هو، ولكني ما سمعت شيئا قط إلا حفظته، ولا حفظت شيئا قط فنسيته.
وبه: حدثنا أبو بكر البرقاني، قال: قرأت على أبي حامد أحمد بن عمر بن حفص المروزي بها، سمعت أبا يزيد محمد بن يحيى بن خالد يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: أعرف مكان مئة ألف حديث كأني أنظر إليها، وأحفظ سبعين ألف حديث عن ظهر قلبي، وأحفظ أربعة آلاف حديث مزورة، فقيل له: ما معنى حفظ المزورة؟ قال: إذا مر بي منها حديث في الأحاديث الصحيحة، فليته منها فليا.
وبه: أخبرنا ابن يعقوب، قال: أخبرنا ابن نعيم، قال: سمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم يقول: سمعت أحمد بن سلمة يقول: سمعت أبا حاتم محمد بن إدريس الرازي يقول: ذكرت لأبي زرعة إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وحفظه للأسانيد والمتون، فقال أبو زرعة: ما رؤي أحفظ من إسحاق. قال أبو حاتم: والعجب من إتقانه وسلامته من الغلط، مع ما رزق من الحفظ.
وقال أحمد بن سلمة: قلت لأبي حاتم: إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه! فقال أبو حاتم: وهذا أعجب، فإن ضبط الأحاديث المسندة، أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها.
وبه: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: سمعت أبا عمرو ابن حمدان يقول: سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق الصبغي يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: فاتني عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي من مسنده مجلس، وكان يمله حفظا، فترددت إليه مرارا ليعيده علي، فتعذر، فقصدته يوما لأسأله إعادته، وقد حمل إليه حنطة من الرستاق، فقال لي: تقوم عندهم، وتكتب وزن هذه الحنطة ، فإذا فرغت، أعدت لك الفائت، قال: ففعلت ذلك، فلما فرغت عرفته، وكان خرج من منزله، فمشيت معه حتى بلغ باب المنزل، قال: فقلت له فيما وعد من الفائت، فسألني عن أول حديث من المجلس، فذكرته له، فاتكأ على عضادتى الباب، فأعاد المجلس إلى آخره حفظا، وكان قد أملى المسند كله من حفظه، وقرأه أيضا من حفظه ثانيا كله.
وبه: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي، قال: أخبرنا محمد بن عدي البصري في كتابه، قال: حدثنا أبو عبيد محمد ابن علي الآجري، قال: سمعت أبا داود يقول: إسحاق بن راهويه تغير قبل أن يموت بخمسة أشهر، وسمعت منه في تلك الأيام، فرميت به، ومات سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومئتين.
وبه: قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي، قال: أخبرني أبو يحيى الشعراني: أن إسحاق بن راهويه، توفي في سنة ثمان وثلاثين ومئتين، وأنه كان يخضب بالحناء، وقال لي: ما رأيت بيد إسحاق كتابا قط، وما كان يحدث إلا حفظا، وقال: كنت إذا ذكرت إسحاق العلم، وجدته فيه فردا، فإذا جئت إلى أمر الدنيا، رأيته لا رأي له.
وقال الحسين بن محمد بن زياد القباني: توفي ليلة النصف من شعبان سنة ثمان وثلاثين ومئتين.
وقال البخاري مات وهو ابن سبع وسبعين سنة.

سير أعلام النبلاء: (١١/ ٣٥٨٣٨٣)
إسحاق بن راهويه أبو يعقوب (خ، م، د، س)
هو: الإمام الكبير، شيخ المشرق، سيد الحفاظ، أبو يعقوب.
فأنبأني أبو الغنائم القيسي، أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، قال: حدثني أبو الخطاب العلاء بن أبي المغيرة بن أحمد بن حزم، عن ابن عمه، أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، قال: هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد ابن إبراهيم بن عبد الله بن مطر بن عبيد الله بن غالب بن وارث بن عبيد الله بن عطية بن مرة بن كعب بن همام بن أسد ابن مرة بن عمرو بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي، ثم الحنظلي، المروزي، نزيل نيسابور.
قلت: مولده في سنة إحدى وستين ومائة.
وسمع من: ابن المبارك، فما أقدم على الرواية عنه، لكونه كان مبتدئا، لم يتقن الأخذ عنه، وقد ارتحل في سنة أربع وثمانين ومائة، ولقي الكبار، وكتب عن خلق من أتباع التابعين.
وسمع: الفضل بن موسى السيناني، والفضيل بن عياض، ومعتمر بن سليمان، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وأبا خالد الأحمر، وجرير بن عبد الحميد، وسفيان بن عيينة، وعيسى بن يونس، وأبا تميلة يحيى بن واضح، وعتاب بن بشير الجزري، وأبا معاوية الضرير، ومرحوم بن عبد العزيز، وعبد الله بن وهب، ومخلد ابن يزيد، وحاتم بن إسماعيل، وعمر بن هارون البلخي، ومحمد بن جعفر غندرا، والوليد بن مسلم، وإسماعيل بن علية، ووكيع بن الجراح، وبقية بن الوليد، وحفص بن غياث، وعبد الله بن إدريس، والوليد بن مسلم، وشعيب بن إسحاق، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، والنضر بن شميل، ومحمد بن فضيل، ويزيد بن هارون، وأسباط بن محمد، وعبد الوهاب الثقفي، ويحيى بن سعيد القطان، وأبا بكر بن عياش، وعبيدة بن حميد، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق، وأمما سواهم بخراسان، والعراق، والحجاز، واليمن، والشام.
حدث عنه: بقية بن الوليد، ويحيى بن آدم – وهما من شيوخه – وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين – وهما من أقرانه – وإسحاق بن منصور، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج في ( صحيحيهما)، وأبو داود، والنسائي في (سننهما)، ومحمد بن عيسى السلمي في (جامعه)، وأحمد بن سلمة، وإبراهيم بن أبي طالب، وموسى بن هارون، ومحمد بن نصر المروزي، وداود بن علي الظاهري، وعبد الله بن محمد بن شيرويه، وولده، محمد بن إسحاق، وجعفر الفريابي، وإسحاق بن إبراهيم البشتي – بشين معجمة – والحسين بن محمد القباني، ومحمد بن النضر الجارودي، وأبو العباس الحسن بن سفيان، وأبو العباس السراج – خاتمة أصحابه – وخلق سواهم.
وقد وقع لي حديثه عاليا.
فأخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله الكاتب، أخبرنا محمد بن عمر الأرموي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، ومحمد بن علي، قالوا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا إسحاق بن راهويه، أخبرنا عيسى بن يونس، حدثنا الأوزاعي، عن هارون بن رئاب: أن عبد الله بن عمرو لما حضرته الوفاة، خطب إليه رجل ابنته، فقال له: إني قد قلت فيه قولا شبيها بالعدة، وإني أكره أن ألقى الله بثلث النفاق.
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء، عن عبد الرحيم بن عبد الكريم الشافعي في كتابه من مرو، قال: أخبرنا سعيد بن حسين الريوندي سنة أربع وأربعين وخمس مائة، أخبرنا الفضل بن المحب، وأخبرنا أحمد بن عبد الرحيم، أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، أخبرنا جدي؛ أبو القاسم القشيري، قالا: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد القنطري، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا المعتمر، سمعت أبي، يحدث عن أبي مجلز، عن أنس -رضي الله عنه- قال: «قنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهرا بعد الركوع يدع على رعل وذكوان، ويقول: «عصية عصت الله ورسوله»». أخرجه: مسلم، عن إسحاق، فوافقناه بعلو درجة.
أخبرنا عبد الله بن يحيى المفيد في كتابه، أخبرنا إبراهيم بن بركات، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ، أخبرنا أبو القاسم النسيب، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا علي بن أحمد الرزاز، أخبرنا جعفر بن محمد بن الحكم، حدثنا أحمد بن علي الأبار، حدثنا الوليد بن شجاع، حدثني بقية، عن إسحاق بن راهويه، أخبرنا المعتمر، عن ابن فضاء، عن أبيه، عن علقمة ابن عبد الله، عن أبيه، قال: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم».
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن زينب بنت عبد الرحمن، أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أنس بن مالك، قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعدا تحت نخلة، فهاجت ريح، فقام فزعا، فقيل له، فقال: «إني تخوفت الساعة»». إسناده ثقات، لكن الأعمش مدلس، مع أنه قد رأى أنس بن مالك، وحكى عنه.
أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي، أخبرنا أبو الفرج بن عبد السلام، أخبرنا أبو الفضل الأرموي، وأبو غالب بن الداية، وأبو عبد الله الطرائفي، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا عبيد الله الزهري، أخبرنا جعفر الفريابي، حدثنا إسحاق بن راهويه، أخبرنا النضر بن شميل، أخبرنا أبو معشر، عن سعيد – هو المقبري – عن أبي هريرة: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ثلاث من كن فيه فهو منافق: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان». قال رجل: يا رسول الله، ذهبت اثنتان وبقيت واحدة؟ قال: «فإن عليه شعبة من نفاق، ما بقي فيه منهن شيء».
هذا حديث حسن الإسناد. وأبو معشر نجيح السندي: صدوق في نفسه، وما هو بالحجة. وأما المتن فقد رواه جماعة عن أبي هريرة.
وفيه دليل على أن النفاق يتبعض ويتشعب، كما أن الإيمان ذو شعب، ويزيد وينقص، فالكامل الإيمان من اتصف بفعل الخيرات وترك المنكرات، وله قرب ماحية لذنوبه كما قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} [الأنفال: ٢]، إلى قوله: {أولئك هم المؤمنون حقا} [الأنفال: ٤] ، وقال: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: ١]، إلى قوله: {أولئك هم الوارثون، الذين يرثون الفردوس} [المؤمنون:١٠و١١]، ودون هؤلاء خلق من المؤمنين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، ودونهم عصاة المسلمين، ففيهم إيمان ينجون به من خلود عذاب الله -تعالى- وبالشفاعة.
ألا تسمع إلى الحديث المتواتر: «أنه يخرج من النار من في قلبه وزن ذرة من إيمان»، وكذلك شعب النفاق من الكذب، والخيانة، والفجور، والغدر، والرياء، وطلب العلم ليقال، وحب الرئاسة والمشيخة، وموادة الفجار والنصارى.
فمن ارتكبها كلها، وكان في قلبه غل النبي -صلى الله عليه وسلم- أو حرج من قضاياه، أو يصوم رمضان غير محتسب، أو يجوز أن دين النصارى أو اليهود دين مليح، ويميل إليهم. فهذا لا ترتب في أنه كامل النفاق، وأنه في الدرك الأسفل من النار، وصفاته الممقوتة عديدة في الكتاب والسنة من قيامه إلى الصلاة كسلان، وأدائه الزكاة وهو كاره، وإن عامل الناس، فبالمكر والخديعة، قد اتخذ إسلامه جنة – نعوذ بالله من النفاق – فقد خافه سادة الصحابة على نفوسهم.
فإن كان فيه شعبة من نفاق الأعمال، فله قسط من المقت حتى يدعها، ويتوب منها، أما من كان في قلبه شك من الإيمان بالله ورسوله، فهذا ليس بمسلم، وهو من أصحاب النار، كما أن من في قلبه جزم بالإيمان بالله ورسله وملائكته وكتبه وبالمعاد، وإن اقتحم الكبائر، فإنه ليس بكافر.
قال تعالى: {هو الذي خلقكم، فمنكم كافر، ومنكم مؤمن} [التغابن:٢]، وهذه مسألة كبيرة جليلة، قد صنف فيها العلماء كتبا، وجمع فيها الإمام أبو العباس شيخنا مجلدا حافلا قد اختصرته.
نسأل الله -تعالى- أن يحفظ علينا إيماننا حتى نوافيه به.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي، سمعت إسحاق بن راهويه يحدث عن عيسى بن يونس، قال: لو أردت أبا بكر بن أبي مريم على أن يجمع لي فلانا وفلانا، لفعل. يعني: يقول: عن راشد بن سعد، وحبيب بن عبيد، وضمرة. ثم قال عبد الله: ما روى أبي عن إسحاق سوى هذا.
قال موسى بن هارون: قلت لإسحاق: من أكبر، أنت أو أحمد بن حنبل؟ قال: هو أكبر مني في السن وغيره. ثم قال موسى: كان مولد إسحاق سنة ست وستين ومائة – فيما يرى موسى -.
قلت: قد قدمنا أن مولده قبل هذا بمدة، فموسى لم يحرر ذلك.
قال محمد بن رافع: قال لي إسحاق: كتب عني يحيى بن آدم ألفي حديث.
قال حاشد بن إسماعيل: سمعت وهب بن جرير يقول: جزى الله إسحاق بن راهويه، وصدقة بن الفضل، ويعمر عن الإسلام خيرا، أحيوا السنة بالمشرق.
قلت: يعمر: هو ابن بشر.
قال أبو حاتم البستي في مقدمة كتاب (الضعفاء): أخبرنا محمد بن عمر بن محمد الهمذاني، حدثنا أبو يحيى المستملي، حدثنا أبو جعفر الجوزجاني، حدثني أبو عبد الله البصري، قال: أتيت إسحاق بن راهويه، فسألته شيئا، فقال: صنع الله لك. قلت: لم أسألك صنع الله، إنما سألتك صدقة. فقال: لطف الله لك. قلت: لم أسألك لطف الله، إنما سألتك صدقة. فغضب، وقال: الصدقة لا تحل لك. قلت: ولم؟ قال: لأن جريرا حدثنا عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي». فقلت: ترفق، يرحمك الله، فمعي حديث في كراهية العمل. قال إسحاق: وما هو؟ قلت: حدثني أبو عبد الله الصادق الناطق، عن أفشين، عن إيتاخ، عن سيماء الصغير، عن عجيف بن عنبسة، عن زغلمج ابن أمير المؤمنين، أنه قال: العمل شؤم، وتركه خير، تقعد تمنى، خير من أن تعمل تعنى. فضحك إسحاق، وذهب غضبه. وقال: زدنا. فقلت: وحدثنا الصادق الناطق بإسناده، عن عجيف، قال: قعد زغلمج في جلسائه، فقال: أخبروني بأعقل الناس. فأخبر كل واحد بما عنده، فقال: لم تصيبوا، بل أعقل الناس الذي لا يعمل؛ لأن من العمل يجيء التعب، ومن التعب يجيء المرض، ومن المرض يجيء الموت، ومن عمل، فقد أعان على نفسه، والله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: ٢٩]. فقال: زدنا من حديثك. فقال: وحدثني أبو عبد الله الصادق الناطق بإسناده عن زغلمج، قال: من أطعم أخاه شواء، غفر الله له عدد النوى، ومن أطعم أخاه هريسة، غفر له مثل الكنيسة، ومن أطعم أخاه جنب، غفر الله له كل ذنب. فضحك إسحاق، وأمر له بدرهمين ورغيفين. أوردها: ابن حبان، ولم يضعفها.
قال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق يقول: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: لم قيل لك: ابن راهويه؟ وما معنى هذا؟ وهل تكره أن يقال لك ذلك؟ قال: اعلم أيها الأمير أن أبي ولد في طريق مكة، فقالت المراوزة: راهويه؛ لأنه ولد في الطريق، وكان أبي يكره هذا. وأما أنا، فلا أكرهه.
قال الحاكم: أخبرني الحسن بن خالد بن محمد الصائغ، حدثنا نصر بن زكريا، سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: سألني يحيى بن معين، عن حديث الفضل بن موسى…، حديث ابن عباس: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم-: يلحظ في الصلاة، ولا يلوي عنقه خلف ظهره». قال: فحدثته به، فقال له رجل: يا أبا زكريا! رواه وكيع بخلاف هذا! فقال: اسكت، إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتشك فيه؟
وعن محمد بن يحيى الصفار، قال: لو كان الحسن البصري في الأحياء، لاحتاج إلى إسحاق في أشياء كثيرة.
وقال الحاكم: سمعت يحيى بن محمد العنبري، سمعت محمد بن أحمد بن بالويه، سمعت إسحاق يقول: دخلت على ابن طاهر، وإذا عنده إبراهيم بن أبي صالح، فقال له: يا إبراهيم، ما تقول في غسيل الثياب؟ قال: فريضة. قال: من أين تقول؟ قال: من قوله تعالى: {وثيابك فطهر} [المدثر:٤]، فكأن عبد الله بن طاهر استحسنه. فقلت: أعز الله الأمير، كذب هذا، أخبرنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة: عن ابن عباس: {وثيابك فطهر}، قال: قلبك فنقه.
وأخبرنا روح، حدثنا ابن أبي عروبة: عن قتادة: {وثيابك فطهر} [المدثر:٤]، قال: عملك فأصلحه. ثم ذكر إسحاق قول ابن عباس: «من قال في القرآن برأيه، فليتبوأ مقعده من النار». فقال ابن طاهر: يا إبراهيم، إياك أن تنطق في القرآن بغير علم.
قال قائل: ما دلت الآية على واحد من الأقوال المذكورة، بل هي نص في غسل النجاسة من الثوب، فنعوذ بالله من تحريف كتابه.
قال الحاكم: حدثنا أبو زكريا العنبري، حدثنا أحمد بن سلمة، سمعت إسحاق يقول: قال لي عبد الله بن طاهر: بلغني أنك شربت البلاذر للحفظ؟ قلت: ما هممت بذلك، ولكن أخبرني معتمر بن سليمان، قال: أخبرنا عثمان بن ساج، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خذ مثقالا من كندر، ومثقالا من سكر، فدقهما، ثم اقتحمهما على الريق، فإنه جيد للنسيان والبول. فدعا عبد الله بقرطاس، فكتبه.
وسمعت العنبري، سمعت أبي، سمعت عبد الله بن محمد الفراء، قال: دخلت على يحيى بن يحيى، فسألته عن إسحاق، فقال: ليوم من إسحاق أحب إلي من عمري.
وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: رحم الله إسحاق، ما كان أفقهه وأعلمه.
قال داود بن الحسين البيهقي: سمعت إسحاق الحنظلي، وسئل عن الجماعة: أفريضة هي؟ قال: نعم.
عبد الله بن أبي الخوارزمي: سمعت إسحاق الحنظلي يقول: أخرجت خراسان ثلاثة لا نظير لهم في البدعة والكذب: جهم، وعمر بن صبيح، ومقاتل.
محمد بن صالح بن هانئ: سمعت إبراهيم بن محمد الصيدلاني يقول: كنت في مجلس إسحاق، فسأله سلمة بن شبيب عمن يحدث بالأجر؟ قال: لا تكتب عنه.
أخبرنا حكام بن سلم، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: مكتوب في الكتب: علم مجانا كما علمت مجانا.
بخط أبي عمرو المستملي: سمعت أبا أحمد محمد بن عبد الوهاب، سمعت إسحاق بن إبراهيم، وسئل عن رجل ترك {بسم الله الرحمن الرحيم}، فقال: من ترك (ب)، أو (س)، أو (م) منها، فصلاته فاسدة، لأن الحمد سبع آيات.
وقال ابن المبارك: من تركها، فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية من كتاب الله تعالى.
قال الحاكم: إسحاق بن راهويه إمام عصره في الحفظ والفتوى، سكن نيسابور، ومات بها. وقيل: إن أصله مروزي، خرج إلى العراق في سنة أربع وثمانين، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة.
قال محمد بن نعيم: سمعت إسحاق الحنظلي يقول: أدخل الحمام وأنا شيخ، وأخرج وأنا شاب.
قال الحاكم: أصحاب إسحاق عندنا على ثلاث طبقات: فالأولى: محمد بن يحيى، وإبراهيم بن عبد الله السعدي، ومحمد بن عبد الوهاب العبدي، وأحمد بن يوسف السلمي، وإسحاق بن إبراهيم العفصي، وعلي بن الحسن الداربجردي، وحامد بن أبي حامد المقرئ، وخشنام بن الصديق، وعبد الله بن محمد الفراء، ويحيى بن الذهلي.
الطبقة الثانية: مسلم بن الحجاج …، وسرد جماعة.
الطبقة الثالثة: خاتمتهم أبو العباس السراج.
قال حرب الكرماني: قلت لإسحاق: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} [المجادلة:٧]، كيف تقول فيه؟ قال: حيثما كنت، فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه، وأبين شيء في ذلك قوله: {الرحمن على العرش استوى} [طه:٥].
وقال أبو بكر المروذي: حدثنا محمد بن الصباح النيسابوري، حدثنا أبو داود سليمان بن داود الخفاف، قال: قال إسحاق بن راهويه: إجماع أهل العلم أنه -تعالى- على العرش استوى، ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة.
قال نعيم بن حماد: إذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه، فاتهمه في دينه.
وقال أحمد بن حفص السعدي؛ شيخ ابن عدي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا.
وقال محمد بن أسلم الطوسي حين مات إسحاق: ما أعلم أحدا كان أخشى لله من إسحاق، يقول الله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر:٢٨]. قال: وكان أعلم الناس. ولو كان سفيان الثوري في الحياة، لاحتاج إلى إسحاق.
وقال أحمد بن سعيد الرباطي: لو كان الثوري والحمادان في الحياة، لاحتاجوا إلى إسحاق في أشياء كثيرة.
قال أبو محمد الدارمي: ساد إسحاق أهل المشرق والمغرب بصدقه.
قال محمد بن إسحاق السراج: أنشد رجل على قبر إسحاق، فقال:
وكيف احتمالي للسحاب صنيعه … بإسقائه قبرا وفي لحده بحر
قال السراج: أخبرني عبد الله بن محمد، سمعت أبا عبد الله البخاري يقول: قال علي بن حجر: لم يخلف إسحاق يوم فارق مثله بخراسان علما وفقها.
بيض الله وجهه ووقاه … فزعا يوم القمطرير وهوله
وأثاب الفردوس من قال: آمـي … ن وأعطاه يوم يلقاه سؤله
قال أبو نعيم الحافظ: كان إسحاق قرين أحمد، وكان للآثار مثيرا، ولأهل الزيغ مبيرا.
قال حنبل: سمعت أبا عبد الله، وسئل عن إسحاق بن راهويه، فقال: مثل إسحاق يسأل عنه؟! إسحاق عندنا إمام.
وعن الإمام أحمد أيضا، قال: لا أعرف لإسحاق في الدنيا نظيرا.
قال النسائي: ابن راهويه أحد الأئمة، ثقة، مأمون. سمعت سعيد بن ذؤيب يقول: ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحاق. وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: والله لو كان إسحاق في التابعين، لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه.
علي بن خشرم: حدثنا ابن فضل، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته. قال علي: فحدثت بهذا إسحاق بن راهويه، فقال: تعجب من هذا؟ قلت: نعم. قال: ما كنت أسمع شيئا إلا حفظته، وكأني أنظر إلى سبعين ألف حديث – أو قال أكثر – في كتبي.
قال أبو داود الخفاف: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: لكأني أنظر إلى مائة ألف حديث في كتبي، وثلاثين ألفا أسردها. قال: وأملى علينا إسحاق أحد عشر ألف حديث من حفظه، ثم قرأها علينا، فما زاد حرفا، ولا نقص حرفا. هذه الحكاية رواها: الحافظ ابن عدي، عن يحيى بن زكريا بن حيويه، سمع أبا داود، فذكرها. فهذا والله الحفظ.
وعن إسحاق بن راهويه، قال: ما سمعت شيئا إلا وحفظته، ولا حفظت شيئا قط فنسيته.
أبو يزيد محمد بن يحيى: سمعت إسحاق يقول: أحفظ سبعين ألف حديث عن ظهر قلبي.
وقال أحمد بن سلمة: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: ذكرت لأبي زرعة حفظ إسحاق بن راهويه، فقال أبو زرعة: ما رئي أحفظ من إسحاق. ثم قال أبو حاتم: والعجب من إتقانه، وسلامته من الغلط مع ما رزق من الحفظ. فقلت لأبي حاتم: إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه. قال: وهذا أعجب، فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها.
وقال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ: فاتني عن إسحاق مجلس من مسنده، وكان يمله حفظا، فترددت إليه مرارا ليعيده، فتعذر، فقصدته يوما لأسأله إعادته، وقد حملت إليه حنطة من الرستاق، فقال لي: تقوم عندي وتكتب وزن هذه الحنطة، فإذا فرغت، أعدت لك. ففعلت ذلك، فسألني عن أول حديث من المجلس، ثم اتكأ على عضادة الباب، فأعاد المجلس حفظا. وكان قد أملى (المسند) كله حفظا.
قال البرقاني: قرأنا على أبي بكر أحمد بن إبراهيم الخوارزمي بها، حدثكم عبد الله بن أبي القاضي، سمعت إسحاق بن راهويه يقول: تاب رجل من الزندقة، وكان يبكي، ويقول: كيف تقبل توبتي، وقد زورت أربعة آلاف حديث تدور في أيدي الناس؟
قال أبو عبد الله بن الأخرم: سمعت محمد بن إسحاق بن راهويه يقول: دخلت على أحمد بن حنبل، فقال: أنت ابن أبي يعقوب؟ قلت: بلى. قال: أما إنك لو لزمته، كان أكثر لفائدتك، فإنك لم تر مثله.
قال قتيبة بن سعيد: الحفاظ بخراسان: إسحاق بن راهويه، ثم عبد الله الدارمي، ثم محمد بن إسماعيل.
وقال أحمد بن يوسف السلمي: سمعت يحيى بن يحيى يقول: قالت لي امرأتي: كيف تقدم إسحاق بين يديك، وأنت أكبر منه؟ قلت: إسحاق أكثر علما مني، وأنا أسن منه.
قال عبد الله بن أحمد بن شبويه: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسحاق لم تلق مثله.
وعن فضل بن عبد الله الحميري، قال: سألت أحمد بن حنبل عن إسحاق، فقال: لم نر مثله، والحسين بن عيسى البسطامي فقيه، وأما إسماعيل بن سعيد الشالنجي ففقيه عالم، وأما أبو عبد الله العطار، فبصير بالعربية والنحو، وأما محمد بن أسلم، فلو أمكنني زيارته، لزرته.
قال أحمد بن سلمة: قلت لأبي حاتم: أقبلت على قول أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه؟ فقال: لا أعلم في دهر ولا عصر مثل هذين الرجلين.
قال داود بن الحسين البيهقي: سمعت إسحاق الحنظلي يقول: دخلت على عبد الله بن طاهر الأمير، وفي كمي تمر آكله، فنظر إلي، وقال: يا أبا يعقوب، إن لم يكن تركك للرياء من الرياء، فما في الدنيا أقل رياء منك.
وهذه أبيات لأحمد بن سعيد الرباطي:
قربي إلى الله دعاني إلى … حب أبي يعقوب إسحاق
لم يجعل القرآن خلقا كما … قد قاله زنديق فساق
يا حجة الله على خلقه … في سنة الماضين للباقي
أبوك إبراهيم محض التقى … سباق مجد وابن سباق قال أحمد بن كامل: أخبرنا أبو يحيى الشعراني: أن إسحاق توفي سنة ثمان وثلاثين، وأنه -رحمه الله- كان يخضب بالحناء. وقال: ما رأيت بيده كتابا قط، وما كان يحدث إلا حفظا. وقال: كنت إذا ذاكرت إسحاق العلم، وجدته فيه بحرا فردا، فإذا جئت إلى أمر الدنيا، رأيته لا رأي له.
قلت: قد كان – مع حفظه – إماما في التفسير، رأسا في الفقه، من أئمة الاجتهاد. قال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق الحنظلي رضي الله عنه- يقول: ليس بين أهل العلم اختلاف أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، وكيف يكون شيء خرج من الرب -عز وجل- مخلوقا؟!
قال أبو العباس السراج: سمعت إسحاق الحنظلي يقول: دخلت على طاهر بن عبد الله بن طاهر، وعنده منصور بن طلحة، فقال لي منصور: يا أبا يعقوب! تقول: إن الله ينزل كل ليلة؟ قلت: نؤمن به إذا أنت لا تؤمن أن لك في السماء ربا، لا تحتاج أن تسألني عن هذا. فقال له طاهر الأمير: ألم أنهك عن هذا الشيخ؟
قال أبو داود السجستاني: سمعت ابن راهويه يقول: من قال: لا أقول مخلوق، ولا غير مخلوق، فهو جهمي.
وورد عن إسحاق: أن بعض المتكلمين قال له: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء. فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء. قلت: هذه الصفات من الاستواء والإتيان والنزول، قد صحت بها النصوص، ونقلها الخلف عن السلف، ولم يتعرضوا لها برد ولا تأويل، بل أنكروا على من تأولها مع إصفاقهم على أنها لا تشبه نعوت المخلوقين، وأن الله ليس كمثله شيء، ولا تنبغي المناظرة، ولا التنازع فيها، فإن في ذلك محاولة للرد على الله ورسوله، أو حوما على التكييف أو التعطيل.
قال أبو عبد الله الحاكم: إسحاق، وابن المبارك، ومحمد بن يحيى هؤلاء دفنوا كتبهم.
قلت: هذا فعله عدة من الأئمة، وهو دال أنهم لا يرون نقل العلم وجادة، فإن الخط قد يتصحف على الناقل، وقد يمكن أن يزاد في الخط حرف، فيغير المعنى، ونحو ذلك. وأما اليوم، فقد اتسع الخرق، وقل تحصيل العلم من أفواه الرجال، بل ومن الكتب غير المغلوطة، وبعض النقلة للمسائل قد لا يحسن أن يتهجى.
قال الدولابي: قال محمد بن إسحاق بن راهويه: ولد أبي في سنة ثلاث وستين ومائة. وتوفي: ليلة نصف شعبان، سنة ثمان وثلاثين ومائتين. قال: وفيه يقول الشاعر:
يا هدة ما هددنا ليلة الأحد … في نصف شعبان لا تنسى بد الأبد
وقال أبو عبد الله البخاري: توفي ليلة نصف شعبان، وله سبع وسبعون سنة. ثم قال الخطيب عقيب هذا: فهذا يدل على أن مولده في سنة إحدى وستين ومائة.
فائدة لا فائدة فيها، نحكيها لنليشها. قال أبو عبيد محمد بن علي الآجري صاحب كتاب (مسائل أبي داود) – وما علمت أحدا لينه -: سمعت أبا داود السجستاني يقول: إسحاق بن راهويه تغير قبل موته بخمسة أشهر. وسمعت منه في تلك الأيام، فرميت به.
قلت: فهذه حكاية منكرة. وفي الجملة، فكل أحد يتعلل قبل موته غالبا ويمرض، فيبقى أيام مرضه متغير القوة الحافظة، ويموت إلى رحمة الله على تغيره، ثم قبل موته بيسير يختلط ذهنه، ويتلاشى علمه، فإذا قضى، زال بالموت حفظه. فكان ماذا؟ أفبمثل هذا يلين عالم قط؟! كلا والله، ولا سيما مثل هذا الجبل في حفظه وإتقانه. نعم ما علمنا استغربوا من حديث ابن راهويه على سعة علمه سوى حديث واحد، وهو حديثه عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة في الفأرة التي وقعت في سمن، فزاد إسحاق في المتن من دون سائر أصحاب سفيان هذه الكلمة (وإن كان ذائبا، فلا تقربوه). ولعل الخطأ فيه من بعض المتأخرين، أو من راويه عن إسحاق.
نعم، وحديث تفرد به جعفر بن محمد الفريابي، قال: حدثنا: إسحاق، حدثنا شبابة، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس، قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان في سفر فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر، ثم ارتحل». فهذا منكر، والخطأ فيه من جعفر، فقد رواه مسلم في (صحيحه، عن عمرو الناقد، عن شبابة. ولفظه: «إذا كان في سفر وأراد الجمع، أخر الظهر، حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما».
تابعه: الحسن بن محمد الزعفراني، عن شبابة، وقد اتفقا عليه في (الصحيحين) من حديث عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس. ولفظه: «إذا عجل به السير، أخر الظهر إلى أول وقت العصر، فيجمع بينهما».
ومع حال إسحاق وبراعته في الحفظ، يمكن أنه – لكونه كان لا يحدث إلا من حفظه – جرى عليه الوهم في حديثين من سبعين ألف حديث، فلو أخطأ منها في ثلاثين حديثا، لما حط ذلك رتبته عن الاحتجاج به أبدا، بل كون إسحاق تتبع حديثه، فلم يوجد خطأ قط سوى حديثين، يدل على أنه أحفظ أهل زمانه.
قال الحافظ أبو عمرو المستملي: أخبرني علي بن سلمة الكرابيسي – وهو من الصالحين – قال: رأيت ليلة مات إسحاق الحنظلي، كأن قمرا ارتفع من الأرض إلى السماء من سكة إسحاق، ثم نزل، فسقط في الموضع الذي دفن فيه إسحاق.
قال: ولم أشعر بموته، فلما غدوت، إذا بحفار يحفر قبر إسحاق في الموضع الذي رأيت القمر وقع فيه.
قال الحاكم: حدثنا يحيى بن محمد العنبري، سمعت إبراهيم بن أبي طالب، سألت أبا قدامة عن الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد. فقال: أما أفقههم: فالشافعي، إلا أنه قليل الحديث، وأما أورعهم: فأحمد، وأما أحفظهم: فإسحاق، وأما أعلمهم بلغات العرب: فأبو عبيد.
قال أبو القاسم البغوي: قال لي موسى بن هارون: قلت لإسحاق بن راهويه: من أكبر: أنت أو أحمد؟ قال: هو أكبر مني في السن وغيره. وكان مولد إسحاق: في سنة ست وستين فيما يرى موسى، قد مرت هذه المقالة.
وقال عثمان بن جعفر اللبان: حدثنا علي بن إسحاق بن راهويه، قال: ولد أبي من بطن أمه مثقوب الأذنين، فمضى جدي راهويه إلى الفضل بن موسى، فسأله، فقال: يكون ابنك رأسا، إما في الخير، وإما في الشر.
هذه الحكاية رواها الخطيب في (تاريخه) عن الجوهري، أخبرنا الخطيب، أخبرنا محمد بن العباس الخزاز، حدثنا عثمان، فذكرها. وهذا إسناد جيد، وحكاية عجيبة.
أخبرنا المسلم بن علان إجازة، أخبرنا الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا الخطيب، أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، حدثنا محمد بن إسحاق السراج، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو يعقوب الخراساني، عن عبد الرزاق، عن النعمان بن أبي شيبة، عن ابن طاووس، عن أبيه، قال: (ليس في الأوقاص صدقة). قال السراج: فسألت أبا يعقوب إسحاق بن راهويه، فحدثني به.
قلت: الأوقاص: الكسور.
وروى: محمد بن يزيد المستملي، عن نعيم بن حماد، قال: إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد، فاتهمه في دينه، وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق، فاتهمه، وإذا رأيت البصري يتكلم في وهب بن جرير، فاتهمه في دينه.
وقال أبو بكر بن نعيم: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: وافقت إسحاق بن إبراهيم صاحبنا سنة تسع وتسعين ببغداد، اجتمعوا في الرصافة أعلام الحديث، فيهم أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهما، فكان صدر المجلس لإسحاق، وهو الخطيب.
قال عبد الرحمن بن إسماعيل العروضي: حدثنا النسائي، قال: إسحاق بن راهويه أحد الأئمة.
وقال عبد الكريم بن النسائي: أخبرني أبي، قال: إسحاق ثقة، مأمون. سمعت سعيد بن ذؤيب يقول: ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحاق. وقال أبو عمرو نصر بن زكريا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: سألني أحمد بن حنبل عن حديث الفضل بن موسى حديث ابن عباس: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يلحظ في صلاته، ولا يلوي عنقه خلف ظهره». قال: فحدثته، فقال رجل: يا أبا يعقوب، رواه وكيع بخلاف هذا. فقال أحمد: اسكت، إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين، فحسبك به. رواها: الحاكم، عن الحسن بن حاتم المروذي، عن نصر.
وقال محمد بن يحيى بن خالد: سمعت إسحاق يقول: أحفظ أربعة آلاف حديث مزورة. أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبد الرحيم بن أبي سعد، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الواحد ابن الأستاذ أبي القاسم، أخبرنا جدي (ح). وأخبرنا أحمد، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو يعلى بن الصابوني، قالا: أخبرنا أبو الحسين الخفاف، أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبدة، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «هلكت قلادة لي، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبها رجالا، فحضرت الصلاة، فلم يجدوا ماء، ولم يكونوا على وضوء، فصلوا بغير وضوء، فذكروا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله آية التيمم». أخرجه البخاري عن إسحاق.
ومات معه في العام: بشر بن الوليد الكندي، والربيع بن ثعلب، وفقيه قرطبة؛ عبد الملك بن حبيب، وأحمد بن جواس الحنفي، وأحمد بن محمد مردويه المروزي، والزاهد إبراهيم بن أيوب الحوراني، وإبراهيم بن هشام الغساني، وإسحاق بن إبراهيم بن زبريق، وبشر بن الحكم العبدي، وزهير بن عباد الرؤاسي، وحكيم بن سيف الرقي، وطالوت بن عباد الصيرفي، وعمرو بن زرارة النيسابوري، ومحمد بن بكار بن الريان، ومحمد بن الحسين البرجلاني، ومحمد بن عبيد بن حساب، ومحمد بن أبي السري العسقلاني، ويحيى بن سليمان الجعفي، وصاحب الأندلس عبد الرحمن بن الحكم المرواني.